كيف يؤثر الإعلام في تشكيل أذهاننا
كيف يؤثر الإعلام في تشكيل أذهاننا

كيف يؤثر الإعلام في تشكيل أذهاننا ؟

كيف يؤثر الإعلام في تشكيل أذهاننا ؟

تذكروا أيام الطفولة حين كنا نشاهد أفلام الكرتون، حيث كانت الشخصيات الشريرة تمتلك قوى خارقة تمكنها من التحكم في عقول الناس والسيطرة عليهم، بينما كان الأبطال يكافحون بلا هوادة لفك هذا السحر وإنقاذ البشرية من براثن الهيمنة. كنا نعتبر هذه الحكايات ضربًا من الخيال الطفولي، لكن ماذا لو أخبرتك أن هناك ما يشبه ذلك في واقعنا؟ في الحقيقة، هناك جهاز تحكم عن بعد حقيقي يُستخدم للتلاعب بأفكارنا. لكنه ليس بيد شخصية كرتونية، بل يتمثل في وسائل الإعلام؛ تلك الشبكة من القنوات، الإذاعات، والصحف التي تُمارس تأثيرها الخفي ببراعة.

Thank you for reading this post, don't forget to subscribe!

الإعلام ليس مجرد أداة لإيصال الأخبار أو توفير الترفيه، بل هو وسيلة فتاكة تُستخدم لإعادة صياغة إدراكنا للعالم. يشبه نافذة في غرفة مغلقة؛ ما تراه من خلالها هو ما يريد أصحابها أن تراه فقط. السؤال هنا: كيف يمكن للإعلام أن يمتلك تلك القدرة على التحكم بهذا الشكل؟ الجواب يكمن في الحيل والأساليب التي يعتمد عليها صنّاع المحتوى الإعلامي. بعضها بات مكشوفًا، بينما يبقى البعض الآخر ذكيًا لدرجة أننا لا نلاحظ تأثيره حتى.

إحدى هذه الحيل تُعرف بـ”الإطار الإعلامي” (Framing). الإعلام لا يخبرك فقط بماذا تنظر، بل يحدد لك كيفية النظر. حين تسمع عن أزمة ما، يسارع الإعلام لتوجيه تركيزك على جانب معين من القصة ويهمّش الجوانب الأخرى. على سبيل المثال، القضية الفلسطينية غالبًا ما تُقدَّم كصراع بين طرفين متساويين، متجاهلة حقيقة الواقع المغاير تمامًا. قبل اتفاقية أوسلو، كان يُنظر إلى ياسر عرفات كرمز للإرهاب، لكن بعد الاتفاقية تم تقديمه كزعيم معتدل يسعى لتحقيق السلام، بل وحصل على جائزة نوبل للسلام.

أسلوب آخر يستخدمه الإعلام ببراعة هو التكرار. قد يبدو التكرار طريقة بسيطة لنقل المعلومة، لكنه في الواقع أسلوب لإرساء الفكرة في الأذهان. كلما كررت كذبة بما يكفي، تصبح “حقيقة” في عقول الناس، حتى وإن كانت زائفة. نتذكر جميعًا كيف تم ترويج فكرة وجود أسلحة دمار شامل في العراق، والتي تحولت إلى “حقيقة” لا تقبل النقاش، لينكشف زيفها بعد فوات الأوان، ولكن بعدما كان الدمار قد حلّ.

ليس هذا فقط، بل إن الأعمال الفنية أيضًا تُستخدم كأداة لإعادة تشكيل منظومتنا القيمية. كم مرة شاهدت فيلمًا وتعاطفت مع لصٍّ أو خائن؟ بل وربما شعرت بالحزن عند مقتل زعيم مافيا أو تاجر مخدرات، رغم أن جرائمهم دمرت مجتمعات بأكملها. هذه الإنتاجات تُصمم لترسيخ نمط حياة معين يتماشى مع أهداف صنّاعها، حيث تُقدَّم الحياة الغربية كجنة على الأرض، ويُختزل مفهوم البطولة في الرجل الغربي وحده.

أما عن حيادية الإعلام، فهي أسطورة يصدقها الساذجون فقط. كل ما يصلنا يُعاد ترتيبه بعناية ليخدم سياسات المؤسسات الإعلامية ومن يمولها. ومع ذلك، نحن اليوم نعيش عصرًا مختلفًا؛ عصر كُسر فيه احتكار الرواية بفضل أدوات بسيطة مثل الهواتف المحمولة. لقد بات بإمكان الأفراد توثيق الحقيقة مباشرة ونشرها للعالم، متجاوزين حواجز التزييف الإعلامي.

والآن يأتي دورك. امتلك الشجاعة لتكون صوت الحق. استخدم هاتفك وكلماتك لنشر الحقيقة وكسر طوق السيطرة الإعلامية. أنت تمتلك اليوم أدوات لم تكن متاحة لمن سبقك. فلتكن الشرارة التي تُوقظ الوعي، ولتكن أنت من يكتب الفصل الجديد في هذه المعركة الفكرية.

كيف يؤثر الإعلام في تشكيل أذهاننا ؟

كيف يوجّه الإعلام تفكيرنا ؟ فداء الدين يحيى

  • الذكاء الاصطناعي يكشف عن خداعه | دراسة تحذر من المستقبل

    الذكاء الاصطناعي يكشف عن خداعه | دراسة تحذر من المستقبل

    دراسة تؤكد: الذكاء الاصطناعي قد يصبح أكثر خطورة مع تطوره الذكاء الاصطناعي وتحديات السيطرة البشرية أصبحت قدرة الذكاء الاصطناعي على التعلّم السريع والتكيف مع التعليمات البشرية محورًا للجدل والبحث العلمي خلال السنوات الأخيرة. ومع التطورات الهائلة في هذا المجال، ظهرت مخاوف متزايدة من أن النماذج المتطورة قد تخرج عن السيطرة، مما يثير تساؤلات جدية حول…


  • سقوط الأسد | من الرابح ومن الخاسر؟

    سقوط الأسد | من الرابح ومن الخاسر؟

    وصول أحمد الشرع إلى المسجد الأموي: نقطة تحوّل في المشهد السوريThank you for reading this post, don’t forget to subscribe! سقوط الأسد بعد 14 عامًا من الثورة على نظام بشار الأسد، وخمسة عقود من حكم الأسرة القمعية، نجح الشعب السوري أخيرًا في طي صفحة مظلمة من تاريخهم. هذا التحوّل الكبير يُعتبر بداية لعهد جديد، لكنّه…


  • كيف يؤثر الإعلام في تشكيل أذهاننا ؟

    كيف يؤثر الإعلام في تشكيل أذهاننا ؟

    كيف يؤثر الإعلام في تشكيل أذهاننا ؟ تذكروا أيام الطفولة حين كنا نشاهد أفلام الكرتون، حيث كانت الشخصيات الشريرة تمتلك قوى خارقة تمكنها من التحكم في عقول الناس والسيطرة عليهم، بينما كان الأبطال يكافحون بلا هوادة لفك هذا السحر وإنقاذ البشرية من براثن الهيمنة. كنا نعتبر هذه الحكايات ضربًا من الخيال الطفولي، لكن ماذا لو…